قصيدة "مسامحك يا حبيبي" هي إحدى روائع الشاعر السوداني السر دوليب، وقد غناها الفنان الكبير الراحل عثمان حسين. تُعد هذه الأغنية من الأعمال الفنية الخالدة التي أثرت في وجدان الكثيرين، وتعتبر من أغاني الحب التي تلامس قلوب المستمعين بعمق مشاعرها وصدقها.
السر دوليب هو أحد أبرز الشعراء السودانيين الذين أثروا في المشهد الشعري والغنائي في السودان. يتميز شعره بالعذوبة والصدق، وقد كتب العديد من القصائد التي تعامل معها كبار الفنانين السودانيين، ومن بينهم عثمان حسين. يعرف دوليب بقدرته على التعبير عن المشاعر الإنسانية بدقة وبأسلوب سلس وجذاب.
عثمان حسين هو أحد أعمدة الغناء السوداني وأحد رواد الأغنية السودانية الحديثة. تميز بصوته العذب وأسلوبه المميز في الأداء، مما جعله محبوباً من قبل الجماهير. ساهم عثمان حسين في تطوير الموسيقى السودانية وإثرائها بالعديد من الأغاني الخالدة التي لا تزال تحظى بشعبية واسعة.
"مسامحك يا حبيبي مهما قسيت علي
قلبك عارفو ابيض وكلك حسن نية"
يبدأ الشاعر بإظهار تسامحه وحبه العميق لحبيبه، رغم ما قد يكون صدر منه من قسوة. يعبر عن يقينه بأن قلب الحبيب طيب وأن نيته حسنة، مما يجعله يتغاضى عن أي إساءة.
"وما خطرت لقلبي سلوى تحيدو عنك
ما ممكن اعاتبك وياخد خاطري منك"
يوضح الشاعر أنه مهما حدث، لم يفكر في الابتعاد عن حبيبه أو التخلي عنه. فهو لا يجد في نفسه الرغبة في العتاب أو الابتعاد، مما يدل على عمق مشاعره وثبات حبه.
"انا عارف خصامك وغضبك في كلامك
ما من جوة قلبك كله على لسانك"
يعبر الشاعر هنا عن فهمه العميق لطبيعة حبيبه. فهو يعرف أن غضبه ليس نابعا من القلب، بل هو مجرد كلام يُقال دون أن يعنيه بشكل حقيقي، مما يدل على قوة العلاقة بينهما.
"واسال عني طيفك وزكراك هم شهود
وياما اشتقت ليك ورجيتك لو تعود"
يبين الشاعر كيف أن ذكريات الحبيب تلاحقه دائماً، وكيف أنه يشتاق إليه بشدة، ويأمل في عودته إليه. هنا، يظهر الحنين الكبير والارتباط العاطفي القوي بينهما.
"وحشتني الابتسامة عيونك بي كلامها
تداري في اشياقها وتفضح لغرامها"
يتحدث الشاعر عن مدى اشتياقه لابتسامة الحبيب، وكيف أن عيونه تعبر عن مشاعر الحب والشوق رغم محاولته إخفاءها. هنا، تظهر دقة الشاعر في تصوير المشاعر الخفية التي تظهر دون قصد.
"سيان عندي عدلك وجورك عليا
تكابر او تداري حبك باقي لي"
يوضح الشاعر أنه سواء كان الحبيب عادلاً أم مجحفاً في حقه، فإن حبه له لا يتغير. فهو يعلم أن الحب موجود في قلب الحبيب، حتى لو حاول إخفاءه أو التغاضي عنه.
"بترجع لي تاني وتسالي عن مكاني
تجدني زي ما كنت زايد في حناني"
يعبر الشاعر هنا عن ثقته بأن الحبيب سيعود إليه مرة أخرى، وعندما يعود، سيجد الشاعر كما هو، بل وأكثر حناناً وحباً مما كان عليه.
"ظلموني القالو عني و غيرني البعاد
وحيات نور جمالك زاد البي زاد"
يشير الشاعر إلى أن البعض قد يتهمه بالتغير بسبب البعد عن الحبيب، لكنه يؤكد أن حبه لم يتغير، بل على العكس، زاد شوقه وحبه بمرور الوقت.
"واصبح شوقي اكتر حبك عندي اكبر
املي في هواك نامي ولسه اخضر"
في الختام، يؤكد الشاعر أن شوقه لحبيبه قد تضاعف، وأن حبه له أصبح أكبر. ورغم كل شيء، فإن أمله في الحب ما زال حياً ومزدهراً.
قصيدة "مسامحك يا حبيبي" تُعتبر من القصائد الرائعة التي تُظهر عمق الحب والتسامح، وتوضح كيف يمكن للحب أن يتغلب على القسوة والبعاد. أداء عثمان حسين لهذه القصيدة أضاف إليها بعداً آخر من الإحساس، مما جعلها واحدة من الأغاني الخالدة في تاريخ الموسيقى السودانية.
مصطفى جادين